بعد أن نقض اليهود العهد مع المسلمين في معركة الخندق وعاقبهم رسول الله في غزوة بني قريظة وتم طردهم خارج المدينة اتجة أغلبهم إلى خيبر.
وأصبحت خيبر المكان الرئيسى لانطلاق المكائد على المسلمين وإقامة الأحلاف العسكرية مع أعداء الإسلام. فقد عقدوا حلفاً مع غطفان لتكوين جبهة موحدة ضد المسلمين.
وبعد أن فَرغ رسولُ الله من صلح الحديبية، أراد أن يوقف طغيان اليهود، فاستنفر المسلمينَ لغزو خيبر في محرم من السنة السابعة، وجهّز جيشاً عدَّته ألف وستمائة مجاهد، بينهم مائتا فارس، بقيادة الرسولوقظعوا ثلاثة أيام ووصلوها ليلا.[1]
وأمر الرسولُ المسلمين بالمبيت بقربِ خيبر، وبعد صلاة الفجر تحرّك جيش المسلمين، في الوقت الذي خرج فيه اليهودُ من حصونهم نحو أراضيهم الزراعية، فلما رؤوا المسلمين علموا أنّ النّبي قد أتاهم، صاحو يقولون محمد والجيش معه وولوا الادبار فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
(خربت خبير إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)) انتظم الجيش الإسلامي ووقف امام الحصون بكامل معداته ينتظر امر قائده.
موقف اليهود : أما اليهود فقد أشار عليهم زعيمهم ((سلام بن مشكم)) بجمع أموالهم وعيالهم في حصن ((الكتيبة)) وحشد المقاتلة في حصن نطاة الحصين ودخل معهم يحثهم ويحرضهم على القتال والصبر.
حصار الحصون : أمر النبى بقطع النخيل المحيط بحصن النطاة، لأن كثرته تحول دون تحركات القوات العسكرية، فخرجااليهود للقائهم واستماتوا في الدفاع عن حصونهم ,لأن في هزيمتهم القضاء الأخير على بنى إسرائيل في بلاد العرب.
و قد ارسل النبي (ص) عدة اشخاص لفتح الحصون ولكنهم فشلوا وكان اولهم أبو بكر (عبد الله بن قحافة) وبعده عمر بن الخطاب حيث باءت جميع المحاولات في الفشل.. وانتهى اليوم الأول ولم ينل احدهم النصر نهائيا. واستؤنف القتال في الغداة، واستمر القتال ثلاثة أيام والهود يحاربون امام حصونهم فزعين من الحرب في الميدان فإذا انهزموا عادوا إليها واغلقوها دونهم. وفى اليوم السادس، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
(لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) وأخذ كل الصحابة يتمنى أن تكون الراية من نصيبه، وفى الغد بعث إلى على ابن إبى طالب حيث كان مصابا بالرمد في عينيه فقام الرسول (ص) بوضع قليل من ريقه في عين علي بن ابي طالب، وسلمه الراية.
حصن الناعم : خرج الامام على ابن أبى طالب وهو يحمل سيف ذو الفقار ودرات رحى معركة هائلة قتل قائد الحصن ((الحارث بن أبى زينب)) فتولى بعده أخوه ((مرحب)) وكان من أبطال اليهود الذين يعدون بألف فارس ورج وهو يرتجل وخرج لابسا درعين ومتقلدا بسيفين يريد المبارزة فتقدم الامام على ابن أبى طالب واقتلع باب حصن خيبر بيده واستخدمه كدرع وقتل اليهودي مرحب .
بعد أن استطاع المسلمين إسقاط أول حصن وكان يسمى حصن "ناعم"، بدأت الحصون تنهار واحداً تلو الآخر، حتّى لم يتبقّ منها سوى حصني الوطيح والسَّلالم، فحاصرهما المسلمون أربعة عشر يوماً فلم يروا غير الاستسلام.
فاقترح اليهود أن يظلوا في الأرض، فيقوموا بزراعتها، ويكون للمسلمين نصف الثمر، فقَبِل النبي ذلك، وعيَّن عبد الله بن رواحة لجمع ما يدفعونه من الثمار.[2]
موقف سيدنا علي في فتح خيبر لم يكن بين رسول الله وبين يهود خيبرٍ عهد، بخلاف بني قنيقاع والنضير وقريضة، فقد كان بينه وبينهم عهد، ومعنى ذلك أنّ النبيّ توجَّه إليهم ليدعوهم إلى الإسلام، أو قبول الجزية، أو الحرب، فلمَّا لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية حاربهم.
وكان يهود خَيْبَر مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله، وكان هذا سبب خروج النبيّ إليهم.
فقد ذكر ابن الأثير وغيره : أن يهود خَيْبَر كانوا مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله، وإنَّ غطفان قصدت خَيْبَر ليضاهروا اليهود فيها، ثمّ خافوا المسلمين على أهليهم وأموالهم فرجعوا.
وكان المسلمون في هذه الغزوة ألفاً وأربعمائة، ومعهم مِائتي فرس، فلمّا نزلوا بساحتهم لم يتحرّكوا تلك الليلة حتّى طلعت الشمس، وأصبح اليهود، وفتحوا حصونهم، وغدوا إلى أعمالهم.
فلما نظروا إلى رسول الله قالوا : محمد والخميس ـ أي : الجيش ـ وولّوا هاربين إلى حصونهم، فقال رسول الله : (الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحةِ قومٍ فساء صباح المنذرين).
فحاصرهم بضع عشرة ليلة، وكان أوّل حصونهم قد افتتح هو حصن ناعم، ثمّ القموص، ثمّ حصن الصعب بن معاذ، ثمّ الوطيح والسلالم، وكان آخر الحصون فتحاً حِصْن خَيْبَر.